كلمة السيد الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين أمام اجتماعات متابعة العمل للمؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين 26 تموز 2021
السيدات والسادة الحضور…
كانت الحكومة السورية قد أكدت في ختام أعمال المؤتمر الدولي للاجئين، الذي انعقد بـ دمشق في تشرين الثاني 2020، في إطار جهود الدولة لخلق أرضية مناسبة لعودة اللاجئين السوريين والتعاون مع الدول والهيئات الدولية الراغبة بدعم الجهود الوطنية، على استعدادها لتيسير عودة السوريين المهجرين خارج وطنهم الأم، وعلى مواصلة بذل كل الجهود الممكنة لتوفير العيش الكريم لهم.
لقد شكل ذاك المؤتمر مرحلة هامة في المسار الوطني لتسهيل عودة المهجرين السوريين لوطنهم، وتابع الخطوات الناجحة التي أنجزت خلال الأعوام السابقة التي مكنت أكثر من مليوني لاجئ سوري من العودة لوطنهم. ودعا المؤتمر المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المعنية إلى تقديم الدعم اللازم للمهجرين السوريين ولدعم #سورية والبلدان المضيفة لضمان حق السوريين بالعودة إلى وطنهم.
وفي هذا الإطار، ذكر سيادة الرئيس في خطاب القسم يوم 17/7/2021 ما يلي:
“أكرر مرة أخرى دعوتي لكل من غُرر به، لكل من راهن على سقوط الوطن، لكل من راهن على انهيار الدولة أن يعود إلى حضن الوطن لأن الرهانات سقطت وبقي الوطن.”
ما تزال قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم تتعرض لتسييس شديد وضاغظ ويمارس علنية على الدول وعلى المنظمات الدولية المعنية، هدفه الرئيسي عرقلة عودة الراغبين من اللاجئين، وهم الأغلبية، إلى وطنهم، وذلك بغرض تحقيق مآرب سياسية تتعارض مع أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومع المصلحة الوطنية للدولة السورية. وكان آخر مظاهر هذا التسييس انعقاد ما يسمى بـ ” مؤتمر بروكسل الخامس لدعم مستقبل سورية والمنطقة” في شهر آذار الماضي بدون مشاركة الحكومة السورية أو التشاور معها، بقصد ممارسة الضغط عليها عبر استخدام اللاجئين السوريين كورقة سياسية لتحقيق أهداف عدد من الدول الغربية الراعية والمشاركة بالمؤتمر والمشاركة بنفس الوقت في الحرب الإرهابية على سورية، حيث خصص مؤتمر بروكسل موارد مالية كبيرة للدول المضيفة للاجئين حصراً بغية عرقلة عودة المهجرين الراغبين وإبقائهم في مخيمات اللجوء، على الرغم من عيش غالبيتهم بحالة مزرية من الفقر المدقع، وذلك بشهادة تقارير المنظمات الدولية المعنية، وصولاً إلى توطينهم في تلك الدول. وللأسف تساهم بعض الأطراف المسيسة في المنظمات الدولية المعنية بطرق شتى في تشجيع السوريين على عدم العودة خاصة عبر ممارسة التضليل لتشويه صورة الأوضاع داخل سورية وعبر الترويج لحل إعادة التوطين على حسب حل العودة، وذلك بالرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التش تشهدها الدول المضيفة للاجئين على خلفية تداعيات جائحة كورونا وغيرها من المشاكل الاقتصادية والإنسانية.
يهدف اجتماع متابعة العمل لمخرجات مؤتمر عودة اللاجئين اليوم إلى استعراض ما تم إنجازه على الأرض لتأمين عودة اللاجئين السوريين لبلدهم ولتعزيزها، إلى جانب متابعة دعوة المؤتمر للمجتمع الدولي لتقديم الدعم المناسب للاجئين السوريين ولزيادة مساهمته ودعمه لسورية، بما في ذلك العمل عبر تنفيذ المشاريع المتصلة بإعادة الإعمار في جميع المجالات وكذلك العملية الإنسانية لنزع الألغام باعتبارها متطلبات هامة لتسهيل عودة اللاجئين والنازحين السوريين لمناطقهم التي أجبروا على الخروج منها بفعل الإرهاب. ويهدف هذا الاجتماع الهام إلى مواصلة التصدي لتسييس قضية اللاجئين السوريين من قبل الدول الغربية لا سيما تلك الراعية لمؤتمر بروكسل وذرائعها البعيدة كل البعد عن الإنسانية لكونها نفس الدول التي تفرض حصاراً اقتصادياً جائراً على سورية وشعبها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي.
لقد واصلت الحكومة السورية عملها بدون كلل وبذلت جهوداً مكثفة ضمن الإمكانيات المتاحة لديها لتسهيل وتيسير عودة مواطنيها المهجرين إلى بلدهم ولتهيئة ظروف الحياة المناسبة. وتعاونت الحكومة بشكل وثيق في هذا الإطار مع الدول الصديقة لا سيما روسيا الاتحادية و إيران و الصين ومع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية المعنية، حيث تم إصدار العديد من القوانين ومراسيم العفو التي تمكن اللاجئين من تسوية أوضاعهم في مجالات عدة لتسهيل العودة الآمنة والكريمة، شملت مجالات الخدمة العسكرية والأحوال المدنية إلى جانب الإعفاءات من الرسوم المتصلة بمتطلبات دخول الأراضي السورية، وترك حرية الدخول أو العودة للمهجرين ممن اتخذ بحقهم إجراءات معينة، والسماح بإدخال الأطفال المولودين خارج القطر، وإصدار الوثائق الشخصية لفاقديها في المراكز الحدودية وتسهيل جميع معاملاتهم في السفارات السورية حول العالم. كما بذلت الحكومة كل الجهود الممكنة لإطلاق عملية إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية المتضررة، بفعل الإرهاب والعدوان الأجنبي، خاصة المرافق التعليمية والصحية والخدمية الأساسية إلى جانب اعمال بناء مرافق جديدة، كما عملت الحكومة على تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين إلى جانب إجراءات التصدي لجائحة كورونا والعمل لتأمين اللقاح للسوريين، وذلك على الرغم من التداعيات الكارثية للإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على سورية وشعبها من قبل الدول الغربية. وعلى الرغم من احتلال الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها و تركيا و إسرائيل لأراضٍ سورية وسرقتهم ونهبهم للثروات والمقدرات الوطنية لا سيما النفط والغاز والقمح والمياه والآثار وما ألحقوه من اضرار جسيمة متعمدة بالاقتصاد السوري وبجهود إعادة الإعمار وتحقيق اهداف التنمية المستدامة. إن الدولة السورية تبذل جهوداً جبارة لتلبية احتياجات المواطنين السوريين الذين شردتهم الحرب على سورية وعادوا إلى وطنهم للمساهمة في عملية إعادة الإعمار.
تقدر الحكومة السورية عالياً دعم الدول الصديقة لها في تسهيل عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم و في مقدمتها الاتحاد الروسي، حيث تواصل الهيئتان التنسيقيتان السورية والروسية العمل من أجل تقديم المساعدات المختلفة لتأمين العودة الطوعية والآمنة للمهجرين ومن أجل تهيئة ظروف الحياة الجيدة لهم. ولقد وصل عدد العائدين لحوالي المليونين وقرابة الربع مليون لاجئ مهجر لغاية نهاية نيسان الماضي، عادوا لأماكن إقامتهم التي اختاروها بفضل هذه الجهود والإجراءات المشتركة، كان منهم 17208 عائداً خلال الربع الأول من عام 2021 من لبنان بالرغم من الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا في كل من سورية ولبنان، والتي أثرت على أعداد العائدين خلال فترة الجائحة. وتدعو الحكومة السورية كل الأطراف المعنية لإزالة المعوقات المتعمدة التي يواجهها المهجرون السوريون في دول أخرى من الراغبين بالعودة لوطنهم بسبب الضغوط الأمريكية والغربية على تلك الدول.
تجدد الحكومة السورية دعوتها للأمم المتحدة بالنأي بنفسها عن تسييس الدول الغربية المتعمد لقضية اللاجئين السوريين وللعمل الإنساني ذا الصلة، وللمساهمة بشكل إيجابي في دعم حل العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم ولدعم الجهود الوطنية الهادفة لتحقيق هذا الهدف ولتذليل العقبات التي تعترض تحقيق هذه العودة، خاصة عبر تخصيص المزيد من الموارد المالية، واعتماد نهج غير تمييزي في توزيع المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية المعنية. وتدعوها أيضاً لتكثيف جهودها بشكل ملموس مع جميع الأطراف الدولية المعنية لرفع الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على سورية وشعبها كونها تتعارض مع أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وتعيق أيضاً عمل المنظمات الإنسانية في سورية. كما تجدد الحكومة السورية تأكيدها على ضرورة تقيد المنظمات الدولية المعنية بمعايير الأمم المتحدة المتصلة بالعمل الإنساني المتفق عليها بين جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من اجل النأي بقضية اللاجئين والعمل الإنساني عن المشروطية وعن الأجندات السياسية لدول بعينها عرقلت على مدى السنوات الماضية عودتهم وساهمت في إطالة أمد معاناتهم الإنسانية.
تجدد حكومة الجمهورية العربية السورية تأكيدها على أن عودة مواطنيها من المهجرين خارج القطر تُشكل أولوية للدولة السورية وبان الأبواب مفتوحة أمام جميع السوريين في الخارج للعودة الطوعية والآمنة ليساهموا في بناء بلدهم. وتتوجه بالشكر العميق للمساعدة المقدمة من روسيا الاتحادية ومن الدول الصديقة الأخرى في هذا الإطار.
وشكراً