كلمة الدكتور فيصل المقداد، وزيــر الخارجية والمغتربين، رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة
السيّد عبد الله شهيد، رئيس الدّورة السّادسة والسّبعون للجمعيّة العامّة،
يَطيبُ لي أنْ أهنئكم على انتخابكم رئيساً للجمعيّة العامّة في دورتها الحاليّة، وأنْ أتمنى لكم كلَّ النّجاحِ والتوفيقِ في المهامِ الموكلةِ إليكم، كما أشكر الأمين العام على الجهود التي يبذلها في إطار الولاية المناطة به لتحقيق تطلعات الدول الأعضاء وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
السيّد الرّئيس، السّيدات والسّادة،
لقدّ مرَّ العالمُ خلال العامين الماضيين بظروفٍ غير ِمسبوقةٍ منذ سنواتٍ طويلة، فقد امتلأتِ المشافي بالمرضى وخَسرنا ملايينَ الأرواح…. تَراجع الاقتصادُ وازداد الفقرُ والجوع…. عُزلت المُدن وقُيّدت الحركة وأغلقت الجامعات والمدارس، وبِتنا نَخشى الاقترابَ من بعضنا البعض… كلّ ذلك كان بسببِ فيروسٍ لا يُرى بالعين المجرّدة، ومازال يتطوّر ويتحوّر ويهدّد بِحصدِ المزيد من الأرواح في جميع أنحاء العالم.
في مواجهة هذا الواقع الصّعب، كان هُناك جانبٌ مُضيءٌ، حيث بُذلت جهودٌ جبّارةٌ وحُقّقت نجاحاتٌ هامّةٌ، سواء على المستوى الطبيّ أو على مستوى التضامن الإنسانيّ الذي أظهرته بعض الدول. وفي المقابل كان هُناك جانبٌ مُظلم، فهناك مَنْ استخدم الجائحة وسيلةً لاستهداف الدّول الأخرى سياسيّاً واتّهامها باختراع الفيروس، وهناك مَنْ تعامل بأنانيّة وتجاهل حاجات الآخرين مُعتقداً أنّه يعيش في جزيرة مَعزولة؛ إلا أنّ الأسوأ من هذا وذاك هو مَنْ تمادى في إجراءاته الاقتصاديّة القسريّة المفروضة أحاديّاً على الدّول والشّعوب التي لا تسير في ركبه، رغم كل الآثار الإنسانيّة الكارثيّة التي خّلفها ذلك، ضارباً بعرض الحائط كل المناشدات التي أطلقتها الأمم المتّحدة والمنظمات الإنسانيّة لرفع هذه الإجراءات أو تخفيفها… فإذا كان كوفيد 19 يَقتلُ مرّة، فهو يقتلُ مرّاتٍ ومرّات في ظل ما يسمى “العقوبات”.
وسأستشهد هنا بما قالته المقرّرة الخاصّة المعنيّة بالتأثير السلبيّ للتدابير القسريّة الأحاديّة على التمتّع بحقوق الإنسان، وأقتبس “إنّ العقوبات تجلب المعاناة والموت في دول مثل كوبا و إيران و السودان و سورية و فنزويلا و اليمن” انتهى الاقتباس. وأيضاً بما قالته مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين التابعين للأمم المتحدة، وأقتبس: “إنّ العقوبات التي فُرضت باسم تقديم حقوق الإنسان هي في الواقع تقتل الناس وتحرمهم من الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في الصحة والغذاء والحق في الحياة نفسها” انتهى الاقتباس.
نُرحب بموضوع النقاش العام للدورة السّادسة والسبعين للجمعيّة العامّة وهو “بناء القدرة على الصمود من خلال الأمل… “؛ ولكن السؤال هنا هو: هل سيكون البعض متّسقاً مع هذا العنوان؟ وهل سيتمُّ فعلاً بناء القدرات بشكل مستدام واحترام حقوق الشعوب؟ وهل ستتمُّ الاستفادة من دروس السنوات الماضية؟ وهل ستتوقّف حكومات بعض الدول عن سياساتها الخاطئة التي تَركت تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في العالم؟ هذا هو السّؤال الذي ننتظرُ أن نخرج بإجابات واضحةٍ وحاسمة عليه إذا ما أردنا فعلاً ألا يكون موضوع هذا النقاش العام مجرّد شعارٍ للاستهلاك الإعلاميّ والسياسيّ بعيداً عن الواقع الفعلي.
السيد الرئيس،
ليس خافياً عليكم أن بلادي، سورية، كانت إحدى أكثر الدّول تضرّراً من الأعمال والجرائم الإرهابيّة التي جرت بدعم عسكريّ وماليّ وإعلاميّ ولوجستيّ من قبل دول معروفة بتورطها في دعم الإرهاب، والذي لن تتّسع سطور هذه الكلمة لاستعراض الويلات التي عاناها شعبنا بسببه، فقد قَتل الأبرياء، وهَجّر الآمنين، ودَمّر البنى التحتيّة، وسَرق مقدّرات البلاد، وتَسبّب بأزمات إنسانيّة في بلد كان يفتخر بالإنجازات التي حقّقها شعبه في مختلف المجالات، حيث وصلت معدّلات التنمية إلى أكثر من 9.5% في العام 2010 السابق لبدء الحرب الإرهابيّة على سورية. ولكن في المقابل وبفضل تضحيات وبطولات شعبنا وجيشنا، وبمساعدة قيّمة من الأصدقاء والحلفاء، حقّقنا إنجازات استثنائيّة في مواجهة هذا الإرهاب والقضاء عليه، وسيسجّل التاريخ أنّ الشّعب السّوري لم يدافع، فقط، عن نفسه وعن وطنه وحضارتهِ في كفاحه ضدّ الإرهاب، بل دافع أيضاً عن البشريّة جمعاء.
إننا نشدّد على أنّ مواصلة هذه المعركة النبيلة حتى تطهير كل الأراضي السّوريّة من دَنس الإرهاب، وبسط سلطة الدولة وإعادة الأمن والاستقرار إلى كل ربوع البلاد، هو واجبٌ وطنيّ ودستوريّ، وحقٌ غير قابل للنقاش أو المساومة، ولن تثنينا عنه أيّة اعتداءات أو ضغوط خارجيّة، أو أيّة أكاذيب وادعاءات جرى ويجري التّرويج لها. ونحن نقول لمن مازال يراهن على الإرهاب ويستثمر فيه، بأنّ رهانه خاسر ومدمّر، لأنّ هذا الإرهاب سيرتدُّ عليه عاجلاً أم آجلاً، وسيدفع ثمنه الأبرياء، كما حصل في دول مُختلفة من العالم؛ وهو الأمر الذي يجب أن نحرص جميعاً ألا يتكّرر. وفي هذا السياق، يبدو أن أحداً ممّن اعتلى هذا المنبر قبل أيام، مازال منفصلاً عن الواقع، ويعتقد واهماً أنّه يستطيع أن يعيد عقارب الساعة للخلف، وأنّ أمواله يُمكنها أن تغطي فشله وجرائمه، أو أنّ استمراره في استثمار الإرهاب في سورية يُمكن أن يحقّق غايات أسياده.
السيد الرئيس،
لقد تعاملت سورية بجدّية وإيجابيّة مع الاجتماعات التي عُقدت بصيغة أستانا، أملاً منها في أن يسهم ذلك إيجاباً في معركة محاربة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار في سورية؛ ولكن النظام التركي مازال يقدّم الدليل تلو الدليل على عدم التزامه بمخرجات أستانا وتفاهمات سوتشي ذات الصّلة بمنطقة إدلب شمال غرب سورية، إضافةً إلى استمراره في دعم وحماية التنظيمات الإرهابيّة المتواجدة هناك، ولا سيما ” جبهة النّصرة” المصنّفة كتنظيم إرهابي من قبل مجلس الأمن؛ ممّا حوّل هذه المنطقة إلى خزان للإرهابيين الأجانب، وذلك بشهادة تقارير اللجان المختصّة في مجلس الأمن نفسه. هذا ناهيك عن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة التي يرتكبها النظام التركي في الأراضي التي يحتلها في سورية، سواء عبر سياسات ” التتريك” والتهجير القسري وقمع أبناء تلك المناطق الرافضين لهذا الاحتلال، أو عبر العقاب الجماعي من خلال قطع المياه بشكل متعمّد ومتكرّر عن أكثر من مليون مواطن سوري في مدينة الحسكة والتجمعات السكنية التابعة لها، إضافة إلى تخفيض منسوب تدفق نهر الفرات إلى أقّل من نصف النسب المتّفق عليها بين البلدين بموجب اتفاقية العام 1987، مع ما يتسبب به ذلك من تداعيات إنسانيّة وبيئيّة وصحيّة وزراعيّة خطيرة. لذلك فإنّ كل هذه الانتهاكات والجرائم تستدعي تدخّلاً عاجلاً وجدّياً من مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتّحدة لوقفها بشكل فوريّ.
السيد الرئيس،
نعيد التأكيد على موقفنا بأنّ أي وجود أجنبي على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة السورية هو وجود غير شرّعي ويشكّل خرقاً سافراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتّحدة، ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصّلة بسورية التي تؤكّد على ضرورة الالتزام القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليميّة، هذا ناهيك عن أنّ هذا الوجود يمنع استكمال مهمة القضاء على الإرهاب، ويهدد الاستقرار والأمن في المنطقة. وبالتالي فإنّ احتلال القوات التركيّة والأمريكيّة لأراضٍ سورية تحت ذرائع واهية، وقيامها بسرقة ثروات ومقدرات الشعب السوري، يجب أن ينتهي فوراً ودون قيّد أو شرط. وكما دَحرت سورية الإرهاب من معظم أراضيها، فإنها ستعمل بذات العزيمة والإصرار على إنهاء هذا الاحتلال بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدوليّ، والتاريخ السوريّ يشهد أنّه لا بقاء لمحتل طال الزمن أم قَصُر.
إننا نحذّر القلّة من أصحاب الأجندات الانفصاليّة في شمال شرق سورية من الاستمرار في أوهامهم المرفوضة من الشعب السوري، لأنهم بذلك يضعون أنفسهم في خانة القوى المتآمرة على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وسيتمّ التعامل معهم على هذا الأساس. وعليهم أن يصحوا من غفلتهم ويتعلموا من الدروس الماثلة أمامهم وعلى مقربة منهم من أنّ الرهان على القوى الخارجيّة والاستقواء بالمُحتل على أبناء شعبهم، هو رهان فاشل ولا يجلب إلا الذل والهوان لأصحابه، والأذى والضرر لبلادهم وشعبهم.
السيد الرئيس،
بالتوازي مع مسار مكافحة الإرهاب، كانت الحكومة السوريّة منفتحة دائماً على أية مبادرات أو جهود سياسية صادقة وحيادية لمساعدتها في الخروج من هذه الأزمة التي استهدفت سورية دولةً وشعباً، وذلك على الرّغم من وجود عوائق تضعها دولٌ ليس لها مصلحة في استمرار هذه الجهود بالاتجاه الذي يحقّق الاستقرار في سورية. ومع الحفاظ على الثوابت الوطنيّة، شاركت الحكومة السورية في محادثات جنيف، ومشاورات موسكو واجتماعات أستانا، كما سهّلت إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور عبر مساهمتها في الوصول إلى اتفاق بشأن تشكيلة اللجنة وقواعد الإجراءات الخاصّة بها. إننا نعيد التأكيد على موقفنا بأنّ هذه العملية يجب أن تكون بملكية وقيادة سورية ودون تدخل خارجي انطلاقاً من قاعدة أنْ الدستور وكل ما يتّصل به هو شأن سوري-سوري يقرره السوريون بأنفسهم. كما نؤكّد على ضرورة أن يحافظ المبعوث الخاص إلى سورية على دوره كميسّر وأن ينقل ما يحدث بصورة نزيهة وحيادية وموضوعيّة.
السيد الرئيس،
لقد أكّدنا مراراً بأنّ أبواب الوطن مفتوحة على مصراعيها أمام جميع اللاجئين السوريين للعودة الطوعية والآمنة إلى بلدهم، ولذلك فإنّ مختلف الجهات المعنية في سورية تعمل بشكل حثيث ومتواصل لتحقيق ذلك، سواء من خلال العمل على إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية والمرافق الخدميّة في المناطق التي تمّ تحريرها من الإرهاب، أو من خلال اعتماد إجراءات لتسهيل عملية عودة الراغبين منهم، وتأمين متطلّباتهم الأساسية. وتحقيقاً لهذه الغاية تمّ إصدار عدد من المراسيم التي يمكن الاستفادة منها لضمان العودة الآمنة والطوعية للمعنيين بذلك؛ ولكن للأسف لا تزال جهود الدولة السورية والدول الصديقة في الشأن الإنساني تصطدم باستغلال البعض لأوجاع ومعاناة السوريين، وتوظيف ذلك لتحقيق مآرب بعيدة كل البعد عن الأهداف الإنسانيّة ومصالح الشعب السوري. وهنا نؤكّد على ضرورة أن يجري العمل الإنساني في سورية بما يتّسق مع احترام سيادة الدولة ووحدتها وسلامتها الإقليمية والعمل بموافقتها وبالتنسيق معها وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 46/182. كما نؤكّد على ضرورة توسيع النشاط الإنسانيّ ليشمل المساعدات التنموية ومشاريع التعافي المبكر والصّمود الهادفة إلى توفير المياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الطبيّة والتعليم والمأوى. ونحن على استعداد لتقديم التسهيلات اللازمة لتحقيق ذلك وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مُستحقيها من داخل سورية، وإغلاق ما يسمى آلية المساعدات عبر الحدود التي طغت عليها كل أشكال الفساد وعدم الفعالية وسمحت بوصول المساعدات إلى المجموعات الإرهابية بدلاً من المحتاجين الحقيقيين لها.
السّيد الرئيس، السّيدات والسّادة،
تؤكّد الجمهوريّة العربيّة السوريّة مرّة أخرى على أنّ استخدام الأسلحة الكيميائية تحت أي ظروف، ومن قبل أي كان، وفي أي مكان أو زمان، هو أمرٌ مُدان ومرفوضٌ كلّياً، ولذلك انضمت سورية طوعاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وأوفت خلال فترة قياسيّة بكل الالتزامات الناتجة عن هذا الانضمام، وحرصت على التّعاون المستمرّ مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإغلاق هذا الملف بأسرع وقت ممكن؛ ولكن للأسف عَمدت بعض الدول إلى تسييس هذا الملف بشكل فاضح سواء عبر الاستمرار في توجيه اتّهامات لسورية لا أساس لها من الصحّة مَصدرها المجموعات الإرهابيّة ومَنْ يدعمها، أو عبر التشكيك بتعاون سورية مع المنظمة، إلى جانب استغلالها لتقارير تفتقر إلى المصداقيّة والمهنيّة، والتلاعب بنصوص الاتفاقيّة لإنشاء آليات غير شرعية وتمرير قرار فرضته الدول الغربية ضد سورية في الدورة 25 لمؤتمر الدول الأطراف بما يشكل سابقة خطيرة في مسيرة عمل المنظّمة، وسيفاً مُسلّطاً على رِقاب جميع الدول الأطراف.
السيد الرئيس،
تواصل إسرائيل، ومنذ العام 1967، احتلالها لجزء غالٍ من الأراضي السورية ألا وهو الجولان، ولذلك فإنّ الجمهوريةَ العربيةَ السوريةَ تعيد التأكيد على تمسُكَها الراسخ بحقّها باستعادةِ كامل الجولان السوري المحتل حتى خطِ الرابعِ من حزيران لعام 1967، وتؤكّد أنّ القرارات والإجراءاتِ كافةِ التي اتخذتها إسرائيل، السلطةُ القائمةُ بالاحتلالِ، لتغييرِ معالمهِ الطبيعيةِ والديموغرافية، أو فرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها عليه، هي باطلة ولاغية وليس لها أي أثر قانوني بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصّة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981. لقد بات من غير المقبول استمرار عجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل بتنفيذ هذه القرارات، ووقف انتهاكاتها المنهجية والجسيمة لقانون حقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي، وخاصّة سياسة الاستيطان ودعم الإرهاب والقمع والتمييز العنصري والاعتقال التعسفي بحق المواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال، وسرقة موارد الجولان الطبيعيّة، إضافة إلى اعتداءاتها المتكرّرة وانتهاكاتها المتواصلة للسيادة السورية؛ ولذلك لا بدّ من ضمان مسائلة إسرائيل على هذا السلوك المارق وضمان عدم إفلاتها من العقاب، حفاظاً على الأمن والاستقرار في المنطقة، وإحقاقاً للحق والعدالة، وتنفيذاً للقانون الدولي.
السيّد الرئيس،
رغم كل ما حصل في سورية خلال السنوات الماضية، مازالت قضية فلسطين هي القضية القومية المركزية بالنسبة لسورية التي لن تدخر جهداً في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله لاستعادة أراضيه المحتلّة وكل حقوقِه المشروعة، وخاصةً حقه في إقامةِ دولتهِ المستقلة على أرضهِ وعاصمتُها القدس، ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة، وحقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وذلك وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة. كما تُطالب سورية بوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، وخاصة أعمال القتل والاستيطان والحصار والاعتقال التعسّفي والتهجير القسري والتمييز العنصري. وتحمّل سورية الدول الداعمة لإسرائيل مسؤولية وتَبعات استمرار هذه الجرائم.
السيد الرئيس،
تجدد بلادي تضامنها الكامل ودعمها لموقف جمهورية إيران الإسلاميّة في وجه الإجراءات الأمريكية غير القانونيّة وغير المسؤولة تجاهها، لا سيما فيما يتعلّق بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وفي هذا المجال تدين سورية الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا منذ عقود، والإجراءات الأمريكية في عسكرة الوضع في شبه الجزيرة الكورية. كما تطالب بوقف كل أشكال الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ضدّ إيران و فنزويلا و بيلاروس و نيكاراغوا و كوريا الديمقراطية، وضد بلادي سورية، وذلك إعمالاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتّحدة. ولا بدّ لي أيضاً من التعبير عن دعمنا لنهج روسيا و الصين في الحفاظ على القانون الدولي وضمان الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية في العالم، وفي مواجهة محاولات الهيمنة وسياسات التدخل الخارجي التي تنتهجها بعض الدول.
السيد الرئيس،
ختاماً، أؤكّد على ضرورة تعزيز لغة الحوار والتفاهم فيما بين دولنا، بناء على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المُشتركة والتّساوي في السيادة واحترام القانون الدولي، بما يؤسّس لنظام عالمي جديد أكثر توازناً وديمقراطيّة وعدالة، ويُسهم في تحقيق الطموحات المُشتركة لشعوبنا وتحقيق التنمية والازدهار والاستقرار الذي ننشده، بعيداً عن سياسات حكومات بعض الدول القائمة على التدخّل العسكري والسياسي ودعم الإرهاب وفرض الإجراءات القسريّة أحاديّة الجانب، خلافاً لكل القيم التي نادت بها البشريّة والمبادئ التي قام عليها الميثاق. يجب أنْ يُدرك البعض أننّا نعيش في عالمٍ واحدٍ يَترابط ترابطاً وثيقاً وأنّه لا يمكن لدولة أن تحقّق مصالحها وتضمن أمنها على حساب مصالح وأمن الدول الأخرى.