بيان الجمهورية العربية السورية ألقاه الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين رئيس الوفد السوري أمام الاجتماع الرفيع المستوى بمناسبة الذكرى الستين لحركة دول عدم الانحياز
بلغراد / جمهورية صربيا 11 تشرين الأول 2021
السيد الرئيس
يسرني أن أهنئكم على عقد هذا الاجتماع الهام في عاصمة بلادكم الجميلة بلغراد ، وأن أعبرعن الشكرعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة المعهود عن الشعب الصربي الصديق. كما أود أن أشكر جمهورية أذربيجان الصديقة على الجهود التي تبذلها في رئاستها لحركتنا.
السيد الرئيس،
لقد اتفقت دولنا، منذ مؤتمري باندونغ و بلغراد، والذي كان للجمهورية العربية السورية شرف المشاركة فيهما مع 24 بلداً آخر، على تحقيق عالم أكثر أمناً يسوده السلام والعدالة والتضامن والتعاون، عالم يقوم على أساس احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها والمساواة فيما بينها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والامتناع عن العدوان أو استخدام القوة والتلويح بها، وعلى حل المنازعات بالطرق السلمية. غير أن دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و بريطانيا، وهي دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، من المفترض أن يناط بها حفظ السلم والأمن الدوليين، لم تقرأ جيداً هذه المبادئ والتي لا تخرج عن المبادئ التي أرساها أباؤنا المؤسسون لميثاق الأمم المتحدة، ومنها سورية، الأمر الذي يدعو دول الحركة للنظر في إعادة تفعيل علاقاتها التاريخية في كافة المجالات، وذلك لما فيه مصلحة بلداننا وشعوبنا.
إن تزامن عقد اجتماعنا الهام هذا في هذه المرحلة التي تشهد فيها العلاقات الدولية المزيد من الاستقطابات السياسية بسبب المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية، هو خير دليل على حيوية الحركة وقدرتها على المساهمة في إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.
السيد الرئيس
ما تزال بعض الدول تتذرع بما يسمى ” التحالف الدولي لمكافحة إرهاب “داعش” لتنفيذ أجنداتها الجيوسياسية في بلادي سورية وحتى في المنطقة كلها ، الأمر الذي استغله ” المحتل التركي ” أيضاً لتنفيذ أطماعه الاستعمارية البائدة ، عبر جلب شراذم الإرهابيين من كافة أصقاع الأرض لمحاولة تخريب سورية ، والضغط عليها عبر ممارساته للإرهاب المائي بقطعه المياه عن محطة العلوك للمرة /28/ على التوالي ، وتخفيضه الوارد المائي لنهر الفرات، والذي أدى لكوارث إنسانية أثرت على حياة ملايين السوريين، الأمر الذي يشكل مخالفة واضحة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي وللاتفاقيات الدولية والثنائية ذات الصلة. لذلك فإنني أؤكد مجدداً بأن الجمهورية العربية السورية ستواجه بكل قوة كافة أشكال الاحتلال والعدوان والإرهاب الأمريكي والتركي والإسرائيلي . وتؤكد بلادي أيضاً على استعادة أراضيها المحتلة ، وهي مستمرة في ممارسة حقها الدستوري بمكافحة الإرهاب وفي حماية وصون أرضها وشعبها بكافة الوسائل المشروعة التي يكفلها القانون الدولي.
السيد الرئيس
إن الجمهورية العربية السورية متمسكة اليوم وأكثر من أي يوم مضى، وعلى الرغم من الحرب الإرهابية والاقتصادية التي تشن عليها، بمبادئ حركة عدم الانحياز التي تم إقرارها في مؤتمري باندونغ وبلغراد، على الرغم من حجم التحديات الكبيرة التي تعصف بالعالم، وأهمها تفشي ظاهرة الإرهاب اقليمياً ودولياً. وللأسف فإن الأعمال الارهابية الإجرامية التي يرتكبها تنظيما “داعش” و “جبهة النصرة” بمسمياتها كافة والتنظيمات و الكيانات الأخرى المرتبطة بهما، في سورية وفي أجزاء كثيرة من بلداننا العربية ودول العالم، ما هي إلا دليل واضح على تفاقم ظاهرة الارهاب وبلوغها حدوداً غير مسبوقة في الاجرام، متفقة في أجنداتها وأهدافها ، وإن اختلفت أشكالها وهوية وأسماء مُنفذيها. وذلك على الرغم من قيام بعض الدول بإعادة أنسنة بعض تلك التنظيمات للتغطية على سياساتها الفاشلة ، في محاولة يائسة منها لرفع معنويات كل عملائها في العالم.
السيد الرئيس ،
بعد أن عجزت بعض الدول المعروفة عن تحقيق مآربها عبر التدخل العسكري والإنساني والإرهابي في بعض دول حركتنا بذرائع غير قانونية واهية، فقد عمدت إلى تكثيف إرهابها الاقتصادي في سورية عبر إقرار ما يسمى ” قانون قيصر” الذي يؤثر على معيشة السوريين وبات يعيق العمل الإنساني والإغاثي أيضاً للمنظمات الدولية العاملة في سورية، لذلك فإن بلادي تدين بأشد العبارات، فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب على بعض دول حركة عدم الانحياز، بما فيها جمهورية إيران الإسلامية وجمهورية فنزويلا البوليفارية و نيكاراغوا وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية و كوبا و بيلاروسيا و روسيا الاتحادية وبلادي سورية، وذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، كوسيلة لتحقيق أهدافٍ وأجنداتٍ سياسية لا تمت للواقع ولا للتاريخ ولا للجغرافية – السياسية بأية صلة .
السيد الرئيس
بمناسبة انعقاد اجتماعنا هذا، فإنني أؤكد على التزام الجمهورية العربية السورية بموقفها الثابت والمبدئي باستعادة الجولان السوري المحتل، وعلى موقفها من القضية الفلسطينية، وعلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين وفقاً للقرار رقم /194/ لعام 1948.
وشكراً السيد الرئيس.