المقداد وعبد اللهيان : العلاقات بين سورية وإيران استراتيجية ومتميزة ونتطلع إلى تعزيزها
أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن العلاقات بين سورية وإيران استراتيجية وتهدف لبناء مستقبل واعد لشعوب المنطقة تعيش فيه بأمن وسلام بعيداً عن أي تدخل خارجي.
وقال المقداد خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في طهران اليوم: نقلت إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي رسالة مكتوبة من السيد الرئيس بشار الأسد عكست التطلعات التي طالما تحدثنا عنها حول أهمية العلاقات السورية الإيرانية وتضمنت توجيه دعوة له من الرئيس الأسد لزيارة سورية.
وأضاف المقداد أجريت مع الوزير عبداللهيان مباحثات إيجابية كانت انعكاساً طبيعياً للعلاقات المتميزة والاستراتيجية بين البلدين والتي تهدف لبناء مستقبل واعد لشعوب هذه المنطقة لتعيش بحرية وأمن وسلام وسيادة واستقلال بعيداً عن محاولات التدخل الخارجي الاستعماري في شؤونها الداخلية وانطلاقاً من مصلحة جميع شعوب هذه المنطقة بأن يكون الشرق الأوسط منطقة تنمية وسلام وتطور وليس منطقة نفوذ استعماري يخرب العلاقات بين الشعوب ويتيح للقوى الخارجية التدخل في شؤونها ودعم المجموعات الإرهابية التي تعمل على تفتيت مجتمعاتها.
وأشار المقداد إلى أن العلاقات الاقتصادية بين إيران وسورية كانت محور هذه المباحثات وتم التركيز عليها خلال اللقاء مع الرئيس رئيسي ومع الوزير عبداللهيان ونتطلع لاستمرار هذه العلاقات وتعميقها ليس في إطار ثنائي فحسب بل في إطار جماعي بحيث تشمل كل دول المنطقة لأن من يتدخل لمنع التوصل الى تعاون اقتصادي حقيقي بين هذه الدول هو القوى الغربية.
وقال المقداد جميع الملفات التي تحاورنا بشأنها مهمة واتفقنا على الاستمرار في تبادل الزيارات وتوقيع وثائق جديدة تعزز العلاقات الاقتصادية بيننا وبين إيران وكل دول المنطقة لخلق واقع إقليمي جديد لا وجود فيه للتنافس الدولي الذي لا يخدم إلا مصالح الدول التي لا تريد لشعوب المنطقة أن تعيش بأمن واستقرار وسلام.
وأوضح المقداد أن سورية ترحب بكل الإمكانات الإيرانية للاستثمار فيها ولا يوجد أي قيد على ذلك وبكل استثمار من الدول الأخرى بعد تخليها عن العقوبات والسياسات الأمريكية التي تخنق الشعب السوري كما ترحب بكل الجهود التي تقود إلى إنهاء العقوبات لأنها مازالت تمنع الكثير من الدول من الاستثمار والمجيء إلى سورية لمساعدتها في هذا الوقت الصعب.
وأشار المقداد إلى أن الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة ودول غربية على سورية وإيران هو المسؤول ليس فقط عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلدين لكن في كل أنحاء المنطقة فعندما تعاني سورية يعاني العراق ولبنان ودول أخرى لافتاً إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية بإصرارها على مواصلة هذه العقوبات تناقض كل القيم ومبادئ حقوق الإنسان التي تتغنى بها وعليها إنهاء هذه العقوبات فوراً.
وبين المقداد أن المباحثات كما وصفها عبداللهيان كانت بين أصدقاء وحلفاء وعكست وجهات النظر المختلفة وتناولت الأوضاع في أفغانستان لأن ما يجري فيها له تأثير على الوضع في سورية والمنطقة بشكل عام مشيراً إلى أن الولايات المتحدة نقلت آلاف الإرهابيين من سورية إلى أفغانستان وأن سورية تأمل للشعب الأفغاني كل التقدم بعد انسحاب القوات الأمريكية والغربية من بلاده بشكل كامل وضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع أطياف الشعب الأفغاني واهمية الاستمرار في مكافحة الإرهاب وبناء علاقات طبيعية وودية مع الدول المجاورة لها.
وقال المقداد تطرقنا إلى التطورات الأخيرة في المنطقة وخاصة الوضع في العراق وأكدنا ضرورة توافق مختلف الأطراف السياسية بما يضمن الأمن والسلم والاستقرار ومكافحة الإرهاب وخروج القوات الأجنبية من البلاد بموجب الاتفاقيات والقرارات التي اتخذتها الجهات العراقية المعنية.
وأضاف المقداد تناولنا الملف النووي الإيراني ونحيي الموقف التفاوضي لإيران في قيادة هذا الملف بما يؤدي إلى كشف الألاعيب والأكاذيب التي تحاول “إسرائيل” وأدواتها في المنطقة وداعموها في الغرب الترويج لها مؤكداً أن البرنامج النووي الإيراني سلمي وكل ما يشاع غير ذلك ليس واقعياً وغير صحيح.
وبين المقداد أن الخروج بنتيجة إيجابية لمحادثات فيينا يكون بالعودة للاتفاق النووي الذي خرجت منه واشنطن ولم تخرج منه إيران التي تطالب بعدم مناقشة قضايا خارجة عن هذا الملف بما في ذلك ملف الصواريخ وهو حق دفاعي لكل دولة وكل دول المنطقة لديها صواريخ وخاصة الكيان العنصري الصهيوني لافتاً إلى أن العودة إلى الاتفاق هي الأساس وكل ما عدا ذلك هو تعبير عن رغبة بعض الأطراف بعدم العودة إليه وتأكيد أنها لا تريد الاتفاق أصلاً تنفيذا لمصالح “إسرائيل” ودول غربية تريد تجريدنا حتى من البندقية حتى لا نكون قادرين على الدفاع عن مصالحنا وقضايانا العادلة.
وأشار المقداد إلى أن سورية طرحت خلال عضويتها في مجلس الأمن عامي 2002 و2003 مبادرة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل لكن الدول الغربية وقفت ضد ذلك وأعلنت أنه إذا تم طرح مشروع القرار للتصويت ستستخدم الفيتو مبيناً أن هذا المشروع مازال مطروحاً على طاولة مجلس الأمن ومن يدع أنه مخلص لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل فعليه أن يعود إلى مشروع القرار الذي طرحته سورية نيابة عن الدول العربية في مجلس الأمن في حينها.
ولفت المقداد إلى أن انتصارات سورية على التنظيمات الإرهابية التي يدعمها كيان الاحتلال الإسرائيلي تجعله يلجأ للعدوان المباشر ورد سورية عليه يكون بملاحقة فلول هذه التنظيمات مؤكداً أنه على “إسرائيل” ألا تخطئ في الحساب وعلى من يدعمها ويحميها ألا يخطئ الحساب أيضاً لأن سورية كانت وستبقى دائماً قادرة على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
ورداً على سؤال قال المقداد هنالك تطورات في المنطقة تسير بشكل إيجابي وهناك مزيد من العلاقات والاتصالات التي تجري حول الأوضاع في سورية وهناك لقاءات عربية عربية وسورية عربية ومشاورات حول الكثير من القضايا المتعلقة بالوضع في سورية ونحن نتابع ذلك ونعمل على تعميقه وهناك رغبة من الكثير من الدول العربية بالسير في هذا الاتجاه ونحن متفائلون حيث طالبنا منذ وقت طويل بإعادة تفعيل العلاقات العربية العربية والشيء الغريب أن العلاقات انقطعت مع بعض الدول العربية والإسلامية بشكل كامل بناء على ضغوط معروفة المصدر.
وشدد المقداد على أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد إلى دمشق كانت خطوة شجاعة ومتقدمة في هذا المجال ونأمل أن نبني على نتائجها خطوات أخرى وأن تبادر الدول العربية الأخرى إلى اتخاذ خطوة مماثلة.. فالأجواء إيجابية والمهم أن نبحث عن مصالحنا العربية العربية وعن مستوى حياة شعوبنا بعيداً عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة من خلال العقوبات وابتزاز جميع الدول العربية وتهديدها بقطع علاقاتها معها إن هي بادرت إلى إعادة العلاقات مع سورية أو مع دول عربية اخرى ونتطلع بتفاؤل إلى مثل هذه الزيارات وإلى أن تزداد مثل هذه المبادرات خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة.
من جهته أوضح عبداللهيان أنه تم بحث مختلف جوانب القضايا الثنائية والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين وخاصة تنمية العلاقات الاقتصادية حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لتطوير التعاون بين الجانبين مجدداً التأكيد على أن إيران مستمرة بدعم سورية في حربها على الإرهاب حتى دحره نهائياً وفي عملية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وجدد عبداللهيان رفض إيران وإدانتها وجود القوات العسكرية الأمريكية على الأراضي السورية وتأكيدها وجوب خروج هذه القوات لافتاً إلى أن الوجود الأجنبي غير الشرعي لا يصب في مصلحة استقرار المنطقة لذلك نرحب بإعادة بعض الدول العربية والأوروبية النظر بسياساتها الخارجية تجاه سورية وإعادة فتح سفاراتها في دمشق.
وأكد عبداللهيان حق سورية الكامل في الدفاع عن أراضيها وحماية شعبها بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية التي تنتهك القوانين الدولية وتتسبب بعدم الاستقرار في المنطقة.
وفيما يخص محادثات فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي أشار عبداللهيان إلى أن بلاده ذهبت إليها بجدية بهدف إلغاء العقوبات عن شعبها وأعلمت الأوروبيين بضرورة أن تكون لديهم خطة واضحة لرفع الحظر لافتاً إلى أن الفرق التفاوضية الأوروبية لم تقدم شيئاً في هذه المحادثات ما يثير القلق من تنصل بعض أطراف الاتفاق النووي من التزاماتهم وعدم إعطاء ضمانات بالعودة إلى الالتزام الكامل به.
وشدد عبداللهيان على أن كل ما يشاع عن أن إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم بدرجات عالية بالتزامن مع المحادثات غير صحيح ويهدف لإفشالها لافتاً إلى أن المحادثات ستستأنف قريباً للوصول إلى اتفاق يصب في مصلحة الشعب الإيراني.