أكد الدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين أنه لا يمكن أن تكون هناك علاقات طبيعية بين دولتين تحتل إحداهما أراضي الأخرى، مشيراً إلى أن إعادة العلاقات بين سورية وتركيا إلى طبيعتها تتطلب التزام تركيا بتفاهمات أستانا، وخاصة احترام سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها والإقرار بسحب قواتها من الأراضي السورية وفق جدول زمني واضح ومحدد والبدء بتنفيذ هذا الانسحاب فعلاً.
وقال السيد سوسان في مقابلة مع قناة روسيا اليوم على هامش مشاركته في الاجتماع الدولي الـ 20 حول سورية بصيغة أستانا المنعقد في العاصمة الكازاخية: إن اجتماعات أستانا حققت إنجازات مهمة على صعيد تقليص مساحة الإرهاب في سورية، وبشكل أساسي في مناطق خفض التصعيد الثلاث، أما في المنطقة الرابعة فكان من الممكن أن يكون هناك نصيب من النجاح لولا مواقف أحد الضامنين وأقصد تركيا التي كانت وما تزال تقدم الدعم والرعاية للمجموعات الإرهابية الموجودة في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وأضاف: نأمل أن يسير هذا الاجتماع مثلما سارت الاجتماعات السابقة من أجل الوصول إلى القضاء على الإرهاب بشكل كامل، وهذا الشيء ممكن في حال التزم الجانب التركي بالتفاهمات التي وقع عليها واحترم التعهدات التي تأتي في مقدمة بيانات أستانا، وبشكل خاص ما يتعلق باحترام سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، مبيناً أن الجولة الحالية تكتسب أهمية إضافية لكونها جاءت بعد الاجتماعات الرباعية لـ “سورية وروسيا وإيران وتركيا” سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري والأمني، ونأمل أن تسهم هذه الاجتماعات بإعطاء دفعة لمسار أستانا لتحقيق كل أهدافه وفي مقدمتها توطيد وتعزيز الاستقرار في سورية.
وتابع: إنه في ختام الاجتماع الرباعي على مستوى وزراء الخارجية في العاشر من أيار الماضي تقرر تكليف نواب الوزراء بوضع “خارطة طريق” للنهوض بالعلاقات بين سورية وتركيا، وهو موضوع قابل للتحقيق لكن له متطلبات في مقدمتها إقرار واضح من الجانب التركي بالانسحاب من الأراضي السورية وفق جدول زمني واضح ومحدد والبدء بتنفيذ هذا الانسحاب فعلاً، مؤكداً أنه لا يمكن أن تكون هناك علاقات طبيعية أو عادية بين دولتين تحتل إحداهما أراضي الأخرى فهذا شيء غير ممكن من وجهة نظر القانون الدولي وفي علم العلاقات الدولية لأنه انتهاك سافر لسيادة الدول.
وشدد على أن هذه المتطلبات ثوابت وطنية غير قابلة للمساومة والتفاوض وهي الانسحاب الكامل غير المشروط من الأراضي السورية وهذا هو المدخل الأساس لأي علاقات عادية مع تركيا، أما غير ذلك فهو أوهام ويجب أن يكون هذا الشيء واضحاً للجميع وعلى تركيا بذل الكثير من الجهود لإثبات الجدية والإرادة لديها لتحقيق هذه المتطلبات، لكننا للأسف لم نلمس هذا الشيء حتى الآن، لافتاً إلى أن صيغة أستانا كان يمكن أن تحقق الكثير لو التزم الجانب التركي بالتعهدات والتفاهمات التي تم التوصل إليها والتوافق عليها سواء مع الضامنين بشكل عام أو مع الجانب الروسي، فالخطأ ليس في أستانا لكن في عدم التزام أحد الأطراف فيها وهو الجانب التركي بتعهداته.
وأعرب السيد معاون وزير الخارجية والمغتربين عن الأمل بأن تسهم التطورات الجديدة التي حصلت مؤخراً وخاصة على صعيد العلاقات السورية الخارجية وقبل ذلك عودة سورية إلى استئناف مشاركتها في اجتماعات جامعة الدول العربية ومشاركتها بشكل فاعل في القمة العربية في جدة إضافة إلى الجهود التي يبذلها الأصدقاء الروس والإيرانيون بشكل أساسي في التأكيد للجانب التركي على أن هناك طريقاً واحداً لإصلاح العلاقة مع سورية ومضي الأمور بشكل جيد وهي إنهاء الاحتلال، لأنه في ظل الاحتلال لا يمكن أن يكون هناك أي تفاهم أو توافق على أبسط الأمور لكن عندما يزول الاحتلال بشكل كامل تكون الأبواب شرعت لمختلف أشكال التعاون وللعلاقات العادية.
وبشأن الوجود الأمريكي غير الشرعي في سورية ودعم واشنطن لميليشيات انفصالية في منطقة الجزيرة قال: إن سورية تؤكد دائماً أن المواطنين الأكراد جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني وواجبنا أن نستمع ونتحاور معهم لكن تحت سقف الوطن الواحد الموحد، أما أي طروحات أخرى فهي مرفوضة ليس من قبل الدولة السورية فقط بل من جميع السوريين، فلا أحد يستطيع أن يقبل بكل ما من شأنه أن يمس وحدة سورية أرضاً وشعباً، أما الوجود الأمريكي ووقوفه وراء المشروع الانفصالي فيأتي في إطار السياسة الأمريكية لإعاقة توطيد الاستقرار في سورية.
وأضاف: نقول لكل من يسير في هذا المشروع إن الأمريكي لن يبقى إلى الأبد في سورية وهو سيخرج عاجلاً أم آجلاً وأنتم لا تعنون له شيئاً بل مجرد أداة في هذا المشروع وعندما تنتفي الحاجة لكم سيرميكم كما رمى غيركم، وانظروا إلى أفغانستان بالأمس القريب، لكن للأسف بعض هؤلاء من خلال تبعيتهم للأمريكي يحاولون ضرب وحدة سورية والإساءة للمواطنين الأكراد غير أن هؤلاء براء منهم وهم يعلمون أن أمانهم وسلامهم ومستقبلهم في حضن الوطن سورية.
وأكد فيما يتعلق بمواصلة واشنطن دعم تنظيم (داعش) الإرهابي، أن التنظيم صناعة أمريكية والكل يعلم ذلك وهي تقوم بتحريكه واستخدامه في الوقت الذي تشاؤه بما يحقق أهدافها، لافتاً إلى أن حديث الأمريكيين اليوم عن تشكيل تنظيمات إرهابية جديدة يهدف لإطالة أمد الأزمة في سورية لكن مصير هذا التنظيم سيكون الزوال كسابقيه لأن المشروع بالأساس سقط.
وبشأن موضوع اللاجئين وعودتهم أكد السيد معاون وزير الخارجية والمغتربين أن هذا الموضوع من أكثر الصفحات المؤلمة بالنسبة لسورية لأنها خسرت الكثير من كوادرها وشبابها جراء هذه الحرب، لذلك اتخذت الكثير من الإجراءات من مراسيم عفو وإجراءات ادارية لتسهيل هذه العودة لكن للأسف هناك دول تتباكى على اللاجئين وتفرض إجراءات اقتصادية غير شرعية على سورية وتستمر باستغلال معاناة هؤلاء اللاجئين خدمة لأجنداتها فهي تتحمل المسؤولية الأولى عن هذا الوضع كما تعرقل عملية إعادة الإعمار اللازمة لتحقيق هذه العودة، أما بالنسبة لسورية فإن كل مواطن سوري مرحب به متى شاء وهو ليس بحاجة لدعوة للعودة إلى وطنه.
ورداً على سؤال حول عودة العلاقات بين سورية والدول العربية وهل يمكن أن نشهد مثل هذا النوع من العلاقات مع قطر قال: طبيعة العلاقات بين أي دولتين محكومة بالظروف وبالمواقف حيال مواضيع معينة وتغير المواقف يشكل مدخلاً من أجل علاقات جديدة مع هذه الدولة أو تلك ونحن من خلال إيمان سورية بأهمية العمل العربي المشترك نأمل أن تزول الغيوم من سماء أي علاقات بين أي دولتين عربيتين بما فيها قطر.
وأشار فيما يخص استئناف العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران، إلى أن التقارب بين هذين البلدين شيء جيد جداً لهما وللمنطقة، حيث يساعد في تحقيق انفراجات حيال الكثير من قضايا المنطقة ولهذا رحبت سورية بهذا التقارب ودعت إلى أن تكون العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وتحقيق مصالح البلدين وضمان الأمن للجميع في المنطقة لأنه لا يمكن أن يكون الأمن لصالح طرف على حساب آخر.